01 أكتوبر, 2022 05:52:00 م
بقلم/ خليل السفياني:
لست إشتراكيا ولم أكن يوما عضواً فيه ولكني سوف اكتب عن بعض مما عشنا فيه وشهدناه في كنف الحزب الاشتراكي بل لا يستطيع كائن من كان ان يشكك بأنه حزبا تاريخيا ولد من رحم عملية سياسية تبلورت عبر نضال سياسي سلمي امتد لأكثر من عقدين من الزمن عقبه ثورة شعبية تحريرية، قدم فيها قياداته ارواحهم وكل ما يملكون من غال ونفيس كي يحققوا حلمهم في الحرية والاستقلال وبناء وطن يتواكب مع متطلبات تلك المرحلة وتطلعاتهم الملتحمة برغبة شعبية جارفة ..
الحزب الاشتراكي وحكومته كانا وجهين لعملة واحدة منصهران في قضية بناء وطن في إطار برنامج وطني وخطط خمسية طموحة تلامس احتياجات الشعب كان يحكم الدولة عبر مؤسساته وجيشه وقوة نظامه وكان يمتلك رتلا من القيادات العسكريه والادارية المتعلمة الفاهمه والواعية و لديه كوادر متميزة سياسيه واقتصادية وعلميه وطبيه في مختلف المجالات العلميه والأدبيه والفكريه.
الاشتراكي ظلم وتم التآمر عليه من قبل عفاش وزبانيته وتحالفت معه كل الجماعات المتطرفة وكل من عاد من أفغانستان، خططوا.. نظموا .. جهزوا .. هاجموا استخدموا الحرب الإعلامية القذرة في تعبئة شعب نسبة ٨٠% منه امي وشبه امي متخلف يحتكم ويتداعى بتبعية مطلقة حتى يومنا هذا لشيخ القبيلة أكثر من انتمائهم للوطن، وعليه فقد تم شحنهم بأفكار ليس لها من الصحة بشئ يذكر، دأبوا على تلك التغذية علنيا قبل الوحدة وباطنيا بعدها خاصة بين الأعوام ١٩٩٠ وحتى ١٩٩٤ تمهيدا وتهيئة للقضاء على الحزب واعتمدوا سياسة الضم والالحاق للجنوب بل والاستحواذ على مقدرات الجنوب واقصاء شعب الجنوب من كل شئ.
قيل بأن الحزب الاشتراكي ملحد شيوعي، وأعضائه كذلك، بينما كنا نعيش في الجنوب مسلمين سنه شوافع والمساجد مليئه بالمصلين وطلاب حلقات الذكر وتحفيظ القرآن وتعليم الفقة والسنة.
خططوا لحملات تشهير وتشويه قالوا ان الاشتراكي يمتلك مصنع البيره بينما اكتشفنا في عهدهم انهم يرعون مئات المصانع لإنتاج الخمر بكل أنواعها وأشكالها..
هاجموا الاشتراكي بأنه لم يهتم بمنح مادة التربية الدينية إلا الجزء اليسير في مناهجهم وانهم اهتموا بذلك وعلى ذلك الأساس اغرقوا الشارع البسيط بالدعاية المغرضة لأبناء الجنوب بانهم محدودي العلم والمعرفة بالعلوم الدينية واكتشفنا بالممارسة العملية ان الجنوبيين يتحلون بالوازع الديني والأخلاقي وسلوك المسلم المؤمن الصالح الذي يحب ويجنح للسلم كارها للحرب التي جعلوا وقودها المواطن والخاسر الاول فيها بينما في الواقع ودحظا لدعاياتهم انعكست الصورة وانقلبت عليهم لنجد ان من تم تدريسهم في المعسكرات في صعدة وعمران واخيرا أضيف اليها إيران، فأنهم بعد تخرجهم انضموا لفرق الموت وعمت قلوبهم القسوة وذبحوا المسلمين في المنبر واغتالوا الامنين بدم بارد ..كانت هذه الأفعال غريبه على أبناء الجنوب.
كنت عادة اسمع مقولة ان من يعمل يخطأ ومن لا يعمل لا يخطأ وحقيقة الامر ان الاشتراكي قد اجتهد اثناء حكمه الجنوب كثيرا ومن اجتهد واصاب فله اجران ومن اجتهد ولم يصب فله الاجر ايضا وعند تقييمي الشخصي لأداء الاشتراكي فأنا احترمه واقدر كل ما قام به ونفذه في الجنوب، نعم كانت لديه سلبيات ولكنها سلبيات جزئيه لم تكن إرهابية فكرية وعقائدية.
الاشتراكي أعطى كثيرا ولم يمنح قدر عطائه لأسباب عدة.. الاشتراكي أعطى ولم يأخذ على حساب الوطن أو المواطن لا لنفسه ولا لاعضائه ..
الاشتراكي أكثر الأحزاب ضحى فكل مواطن عاش ودرس وتوظف في عهده حتى إذا لم يكن عضوا فعالا محسوبا عليه، واليوم فإنهم من يقتلون ويعتقلون وتسلب وظائفهم ويجوعون ويقصون هم اولئك من عاشوا في كنف الإشتراكي واذا سألت عن قيادته وكوادره تجدهم أفقر الناس بينما اذا سألت عن قيادات وكوادر الأحزاب الأخرى تجدهم يتمتعون بملايين الملايين.
الاشتراكي أعطى الحرية ولم يسلبها ولكنه كان شديد العقاب ضد من يتعدى على أفكاره وإنسانية الإنسان.
لقد ارتبط وجود الاشتراكي وفكره بحقبة زمنية وبنظام القطبين والحركات التحررية الوطنية وحركة القوميين العرب والحركة الناصرية وحزب البعث الاشتراكي التي جميعها اخذت بمفاهيم الإشتراكية وحورت ماهو مقبول فيها إلى الإشتراكية العربية وهو ذات الحال التي ادركها الحزب الاشتراكي واعتمدها في دستور البلاد وبرنامج حزبه ولم يكن يوما حزبا شيوعيا أو ملحدا.
للاسف هناك من عمد إلى إقصاء الاشتراكي من الحكم وآخرون دعموا ذلك بمحاولة تدمير الحياة المدنية المسئولة التي يتنفسها الجنوبيون وسعوا لإعلاء الأفكار التي فرضت بقوة الوعي والعادة وتكريسها في المجتمع فأصبحت قضيتهم الأولى هي نقد حرية المرأة وتحجيم مساحة مشاركتها المهنية والمجتمعية بل امتد شرهم بإصدار الفتاوى الآثمة الظالمة بحق المرأة وترهيبها وتمكنوا من جعل المرأة تتوشح بالسواد من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها بينما ظلوا في طغيانهم يعمهون يرتكبون ماحرمته كل الأديان ..
هاجموا الاشتراكي ومناهجه التعليمية والنظام الدراسي بصورة عامة وبرنامج محو الامية بصورة خاصة والذي أصبح الاخير بشهادة الامم المتحدة بان الجنوب قد تحرر من الأمية بنسبة ٩٩% ، لم يكتفوا باقتحام التربية والتعليم في السياسة بل تم اختراق المناهج الدراسية و تزييف بعض المعلومات وتسطيح البعض الاخر.. هاجموا العلوم و التعليم واعتبروا نظرية داروين التي درست في مناهج الجنوب بينما انغمسوا واستماتوا في تدريس أعمال الصحابة وأفعال المبشرين بالجنة ومن التابعين ..
نعم ظلم الاشتراكي وشوهت أفكاره وسعوا لإنهاء وجوده لأنهم يدركون انه حزب يستمد قوته من الشعب .. حزب عريق بل هو اقدم الأحزاب التي تأسست في العصر الحديث ويمتلك من العقول والكوادر النظيفة و القادرة على إدارة البلاد بينما من يدعون ان احزابهم هي الأقوى والأكبر وجدناهم يجسدون وجه الفساد الآخر في سلوكهم هم ذاتهم من يدمرون الوطن باسم الدين وينهبون ثرواته وارضيه بل هم ذاتهم من يسمسرون ويسعون لبيع هويته وطمس تاريخه عبر المليشيات التي باعت نفسها للشيطان وتحت كنف المليشيات التي تآمر على الحزب في ١٩٩٤م.
حان الوقت أن نعتذر للاشتراكي، وأن يتصدر المشهد السياسي إن أردنا عودة وطن.