أبحـاث ودراسات

05 نوفمبر, 2022 06:27:17 م

عدن (صوت الشعب) متابعة خاصة:

مـثّـلتْ الجبهة الداخلية الجنوبية المهترئة- جــرّاء صراعات النُخب السياسية لدولة الجنوب السابقة (1967- 1990م)، أكبر عقبة بوجـه الثورة الجنوبية (الحراك الجنوبي)، وارهقتها كثيرا منذ صارت الخلافات الجنوبية القديمة مادة دسمة للقوى الحزبية والسياسية والاجتماعية في الشمال، منذ غداة وحدة عام 90م، وبالذات منذ تفجر الازمة السياسية الطاحنة بين شريكي الوحدة، مرورا بحرب 94م وحتى اليوم.

فتلك القوى كانت وما تزال تخشى من أية مصالحة جنوبية جنوبية تطوي صفحة خلافات الماضي، لمعرفة تلك القوى ان أي مصالحة من هذا القبيل ستمثل السلاح الأمضى للجنوبيين، وستفوت الفرصة على تلك القوى، التي استثمرتها بكثرة في شق الصف الجنوبي، ولنهب الجنوب وإخضاعه بقسوة سياسيا واجتماعيا وعسكريا.

ولإدراك الجنوبيين لفاعلية وقوة سلاح التصالح الجنوبي، وخطورة بقاء تلك الخلافات كورقة بيد الخصوم، فقد أختطوا دربهم الطويل الهادف لتأسيس وتكريس ثقافة التصالح والتسامح، برغم كل المطبات والمكايد وسياسة شراء الذمم، التي زرعتها تلك القوى في طريقهم، ومع ذلك اجتازوا حتى اليوم كثيرا من المراحل العصيبة، وتغلبوا على كم هائل من المؤامرات.

اللقاء التاريخي

فمنذ لقاء التصالح الجنوبي التاريخي في عدن بمقر جمعية ردفان عام2006م، وحتى جولة الحوارات التي يجريها فريقي الحوار الجنوبي بالداخل والخارج، حقق الجنوبيون كثيرا من التقارب، و أذابوا كتل من جبال ثلوج الصراعات القديمة.

وما يحدث اليوم وبدعوة من المجلس الانتقالي الجنوبي والاستفادة مما حققتها القضية الجنوبية على المسار السياسي، وما انجزته القوات الجنوبية مؤخرا على المسار العسكري والأمني، وبالذات في محافظتي شبوة وأبين، يقوم فريق الحوار الجنوبي في الداخل منذ شهور بسلسلة لقاءات متواصلة مع معظم القوى الجنوبية السياسية والحزبية والاجتماعية، ومع معظم فئات المجتمع، ونخب متعددة الأطياف والقناعات والايدلوجيات المتباينة، بغية استكمال مسيرة التقارب الجنوبي والوصول الى قواسم مشتركة، تنهض بالجنوب من محنته ويتلمس طريقه الى ضفة الاستقرار، في غمرة الحراك السياسي الإقليمي والدولي المحموم، الذي نراه بشأن الحرب والأزمة باليمن.

الحوار الخارجي

ومثله يفعل فريق الحوار الجنوبي بالخارج، الذي استطاع احراز مصالحات مهمة، تمخضت بعودة عدد من الرموز الجنوبية الى الداخل، وفتح قنوات تواصل مع القوى بالداخل، وبالذات مع الانتقالي الجنوبي.

ومع ذلك لا يعني هذا ان طريق المصالحة الجنوبية مفروشة بالورود او انها قد اضحت مكرسة وراسخة تماما على الواقع ، بل ما تزال طريقها عقبات واشواك تدمي الاقدام والأكف،والمراحل ما تزال طويلة، برغم ما تحقق حتى الان.

التحديات الكبيرة

كل القوى الشمالية على تبايناتها السياسية والحزبية والأيدلوجية والقبلية العميقة، وصراعاتها العسكرية الدامية، ما تزال تكشر عن انيابها بوجه مسيرة التصالح الجنوبي، وما زال قطاع من الجنوبيين يتوجسون ريبة من فكرة التصالح والتسامح، ويتملكهم الشك، نتيجة لتجذر تبعات واوجاع الماضي في صميم القلوب، واستمرار حالة الشحن والتحريض، من جهات ليست جنوبية، ترى في اية تقارب جنوبي بانه يستهدف مصالحها الشخصية، ومع ذلك ورغم التحديات الكبيرة ، فان عجلة التصالح الجنوبي تمضي قُـدماً و لو ببطىء.


- صلاح السقلدي

صحفي وكاتب ومحلل سياسي جنوبي

المادة خاصة بمركز مسارات للاستراتيجيا والاعلام




رأيكم يهــمنا

تهمّنا آراؤكم لذا نتمنى على القرّاء التقيّد بقواعد التعليقات التالية :
أن يكون للتعليق صلة مباشرة بمضمون المقال.
أن يقدّم فكرة جديدة أو رأياً جدّياً ويفتح باباً للنقاش البنّاء.
أن لا يتضمن قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم.
أن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.
لا يسمح بتضمين التعليق أية دعاية تجارية.