كتابات وآراء


05 مايو, 2025 03:22:00 م

كُتب بواسطة : ياسر يسلم السليماني - ارشيف الكاتب


أمنيةٌ تراودني كلَّ عام، وحُلمٌ لطالما تمنَّيتُ أن يتحقَّق: أن نختم عامنا الدراسي بالمسك. لكنَّه بات حلمًا بعيد المنال في زمنٍ انحدرت فيه القيم، وانهارت المبادئ، وتفاقمت الأزمات.

في كل عام، تحلُّ الامتحانات الوزارية في موعدها، حاملةً معها قصصًا مأساوية وفضائح لا تنتهي، تدور في أروقة القاعات، حيث يكون الضحية دومًا جيلًا كان يُمثّل الحلم والأمل، فإذا به يُقدَّم قربانًا لواقعٍ مشوَّهٍ تآكلت فيه النزاهة، وغابت العدالة.

لقد تمنَّيت، شخصيًا، أن تُعتمد آلية جديدة، أكثر عدلًا وإنصافًا، تُجنِّبنا مهزلة الامتحانات وفضائحها المتكررة، وتُعيد شيئًا من الثقة المفقودة في العملية التعليمية.
ومن أبرز الحلول المقترحة: اعتماد نظامٍ للدرجات التراكمية، يُوزَّع على النحو الآتي:

20 درجة من الصف التاسع

20 درجة من الصف الأول الثانوي

20 درجة من الصف الثاني الثانوي

40 درجة من الصف الثالث الثانوي (بواقع 20 درجة لكل فصل)


بهذا النظام، ينال كلُّ طالبٍ حقَّه الطبيعي، ويأخذ كلُّ ذي حقٍّ حقَّه، دون الحاجة إلى غشٍّ أو استنزافٍ للثروات. كما نطوي بذلك صفحة مهزلةٍ امتدَّت لسنواتٍ طوال، قادتها سياساتٌ مقيتة، كان على رأسها "عفاش"، الذي لم يُبقِ للتعليم قِيمة، واستهدفَ بشكلٍ ممنهج جيل الجنوب الصاعد.
وللأسف، سار الرفاق على خُطاه... حيًّا وميتًا.

وما يزيد المشهدَ تعقيدًا أنَّ هذه المهزلة تتكرَّر كلَّ عام، رغم اجتهاد الطلاب وانتظامهم. فكيف يكون الحال في عامٍ مرَّ دون دراسة، نتيجة الظلم الواقع على المعلمين، وإضرابهم المستحق؟

عامٌ استثنائي، يستوجب حكمةً أعمق، وإنصافًا أوسع.
كان الأجدر أن يُنصت لصوت الضمير، وأن تُعتمد آلية عادلة تُنصف الطالب والمعلِّم معًا، فهما عمادُ العملية التعليمية، وحجرُ الأساس لبناء المستقبل. وكلاهما يستحق العدالة والكرامة، لا الإهمال ولا النكران.

لكنّ الإصرار العجيب على إجراء الامتحانات بالآلية ذاتها يثير الشكوك، ويطرح تساؤلاتٍ موجعة:
لِمَ الإصرار على مسارٍ ثبتَ فشله؟ ولِمَ تجاهل الأصوات التي تنادي بالإصلاح؟

المبالغُ الطائلة التي تُهدر، والملايين التي تُنفق سنويًّا على هذه المسرحية الهزيلة، كان أولى بها أن تُستثمر في تطوير المدارس والثانويات، وتحديث المناهج، وتدريب وتأهيل الكوادر التربوية.

ومع ذلك، ما زال البعضُ يلهث خلف المكاسب، ويتشبث بالمناصب والمصالح، ولو كان الثمن... مستقبل وطن.