علوم وتكنولوجيا

15 مايو, 2023 08:14:41 م

(صوت الشعب) إعداد القاضي| أنيس جمعان:

▪️إشارات المرور هي تلك الآلة التي تنظم حركة المرور في الشوارع، سواء لتنظيم إتجاهات السيارات أو لعبور المشاه، ولك أن تتخيل العالم بدون إشارات المرور وكم الحوادث التي يمكن أن تحدث لو لم توجد إشارات المرور، وتعتبر إشارات المرور الضوئية أحد أهم الإختراعات التي أنجزها الإنسان في مطلع القرن الماضي، نظراً للدور الهام والحيوي الذي تقوم به هذه الإشارات في تنظيم وتسهيل حركة مرور المركبات وضمان سلامتها وسلامة المشاة على حد سواء ..

▪️كانت الأختناقات المرورية مشكلة حتى قبل إختراع السيارة، وكان الزحام بسبب العربات التي تجرها الخيول والمشاة في طرقات لندن في عام 1860م في القرن التاسع عشر، وقد أقترح جون بيكي نايت، وفكرة إشارات المرور تعود إلى إنجلترا، عندما كان ضباب لندن مصدر قلق للمهندس الإنجليزي جون بيكي نايتمدير السكك الحديدية البريطانية طريقة للسكك الحديدية للتحكم في حركة المرور، المتخصص في إشارات مرور القطارات وتنظيم حركتها، فخطر بباله أن يستعمل الإشارات الضوئية، وإخترع أول إشارة مرور مكونة، وذلك عندما أبتكر مصباحين يعملان على الغاز أحدهما باللون الأحمر والآخر باللون الأخضر لإيقاف القطارات وتسييرها، ومن أجل تنظيم حركة القطارات وإعطاء الأولوية لأحد هذه القطارات لعبور منطقة التقاطع دون أن يصطدم أحدهما بالآخر، غير أن أحد المصباحين أنفجر بسبب حدوث خلل فني في هذه الإشارة الضوئية وقتل الشرطي المكلف بالمراقبة عندما تسبب تسرب في أحد الغازات الرئيسية في انفجار أحد الأنوار في وجهه، وتم الإعلان عن مشروع إشارات المرور أنه خطر على الصحة العامة وتم التراجع عن أنتشاره على الفور، مما أحبط إجراء المزيد من التجارب على هذه الفكرة ..

▪️بعد وقوع الحادث، مرت أربعة عقود قبل أن تبدأ إشارات المرور الجديدة في الظهور مرة أخرى، وخاصة في الولايات المتحدة حيث تم إنتاج المزيد من السيارات وأصبحت الطرق مزدحمة بالسيارات، وشهد أوائل القرن العشرين ظهور العديد من براءات إختراع إشارات المرور، ولكل منها إبتكار مختلف عن الفكرة الأساسية ..

تطورات متلاحقة :

▪️بعد إختراع السيارات وزيادة عددها بشكل كبير برزت الحاجة الملحة إلى اختراع وسيلة تضمن تنظيم حركة المركبات في الشوارع، وقد عانت الكثير من مدن الولايات المتحدة الأمريكية من فوضى عارمة في شوارعها، مما كان يستدعي وجود رجال السير طوال الوقت على مفترقات الطرق لتنظيم حركة السيارات، لذلك فقد اتجهت الأنظار نحو الإختراع الإنجليزي القديم، وفي عام 1914م تم تطويره ليظهر بثلاثة أضوية مختلفة الألوان هي الأحمر والبرتقالي والأخضر🚦وكان ذلك في أحد شوارع مدينة كليفلاند الأمريكية، وفي عام 1918م ظهرت أول إشارة مرور في مدينة نيويورك وبعدها في عام 1920م تم تركيب أول إشارة في مدينة ديترويت ..

▪️وفي عام 1918م ظهرت إشارة السير لأول مرة في نيويورك وبعدها بسنتين وصلت إلى مدينة ديترويت، وكانت إشارات السير هذه تقع في أعلى برج مبني وسط الشارع ويدعى برج المرور وتدار يدوياً بواسطة شرطي يسهر عليها، وعلى أثر تلك التطورات في تنظيم حركة السير والتي لعبت الإشارات الضوئية دوراً هاماً فيها، قررت بريطانيا في عام 1925م أعتماد الوسيلة نفسها لتنظيم حركة السير فيها، في لندن، وتم تركيب أول إشارة مرور ضوئية على تقاطع شارعي البيكاديللي وسانت جايمس في لندن ..

براءات إختراع إشارات المرور :

▪️إن الفضل في إشارات المرور الكهربائية الأولى عادة ما تعود إلى جيمس هوج، فقد تم تركيب جهاز قائم على تصميمه في 5 أغسطس 1914م في كليفلاند، وحصل هوج على براءة إختراع لنظام إشارات المرور الكهربائية في عام 1918م (كان قد تقدم بطلبه في عام 1913م) حيث أستخدمت في إشارات المرور الكلمات المضيئة توقف وتحرك مثبتة على كل من أركان التقاطع الأربعة، وتم ربط الجهاز بحيث يمكن للشرطة ودوائر الإطفاء ضبط إيقاع الأضواء في حالة الطوارئ ..

▪️حصل ويليام غيغليلي من سان فرانسيسكو على براءة أختراع أول جهاز لإشارات المرور الآلية التي أستخدمت أضواء حمراء وخضراء في عام 1917م، وكان تصميم ويليام خياراً إما ذاتي أو يدوي، ثم في عام 1992م، طور ويليام بوتس وهو ضابط شرطة في ديترويت العديد من أنظمة إشارات المرور الآلية، بما في ذلك أول إشارة ثلاثية الألوان، والتي أضافت ضوء تحذير أصفر ..

▪️في عام 1923م، حصل المخترع جاريت مورجان على براءة إختراع لجهاز إشارات المرور أوتوماتيكية كهربائية، وكان مورجان أول أمريكي من أصل أفريقي يمتلك سيارة في كليفلاند، كما إخترع أيضاً قناع الغاز، وأستخدم تصميم مورجان وحدة قطب على شكل T مع ثلاثة مواقع، بالإضافة إلى توقف وتحرك، وقام النظام أولاً بإيقاف حركة المرور في كل الأتجاهات لإعطاء السائقين الوقت للتوقف أو المرور عبر التقاطع، وفائدة أخرى لتصميم مورجان هو أنه يمكن إنتاجه بشكل غير مكلف، وبالتالي زيادة عدد إشارات المرور التي يمكن تركيبها، وباع مورجان حقوقه في إشارة المرور إلى شركة جنرال إلكتريك مقابل 40،000 دولار ..

▪️تم تركيب أول جهاز من إشارات المرور الضوئية الكهربائية في أوروبا في عام 1924م في ساحة بوتسدام بلاتز في برلين، وفقاً لما قاله ماركوس ولز الرئيس التنفيذي لشركة سيمينز في الولايات المتحدة، وقد تم تركيب إشارات المرور الضوئية من خمسة جوانب على البرج وكانت بشكل أساسي يدوية مع بعض التشغيل الآلي، والتي أحتاجت ضابط شرطة واحد فقط ليديرها ..

▪️حصل جون إس ألين وهو مخترع أمريكي على واحد من أقدم براءات الإختراع في عام 1947م لإشارات المرور المخصصة لحركة المشاة، وكان تصميم ألين يحمل إشارة المشاة المركبة على مستوى الرصيف، واقترح ألين أيضاً أن إشارات المرور قد تحتوي على إعلانات، وأوضح في طلبه أن كلمتي توقف وتحرك يمكن أن تتبعهما كلمة إلى والتي سيتبعها أسم العلامة التجارية ..

إشارات المرور الحديثة :

▪️تستمر إشارات المرور في التحسن، والعديد من إشارات المرور الذكية يمكنها مراقبة حالات المرور في الوقت الفعلي بما في ذلك الاتجاه والحجم والكثافة، فضلاً عن تحديد أولويات أنظمة النقل العام وفقاً لمخترع ويلز، على سبيل المثال، قال ويلز تعمل شركة سيمينز في مشروع في تامبا فلوريدا لتطبيق تقنية مركبات متصلة، حيث يسمح هذا النظام لنظام الإضاءة الضوئية بالأتصال مباشرة بالسيارة ويحسن من الأمان والكفاءة، ويتم إرسال الاتصالات من أكثر من 40 من إشارات المرور الضوئية إلى السيارات المجهزة بالتكنولوجيا لتلقي رسائل السلامة والامان الأساسية إما على مرآة الرؤية الخلفية أو شاشة الكمبيوتر الداخلية، ويتم إرسال رسائل بسيطة إلى السيارات باستخدام كل من التقنيات المثبتة مسبقاً والمثبتة حديثاً والتي تسمح للسائق بتلقي معلومات مثل حالة إشارات المرور القادمة والتوصيات بشأن السرعة من خلال المرور عبر تقاطع معين بالإضافة إلى مجموعة إشارات المرور، وقد أظهر هذا المشروع زيادة كبيرة في الكفاءة في كيفية تحرك المرور عبر التقاطعات، طبقاً لما قاله ويلز ..

مرحلة التحكم الآلي :

▪️بدأ التحكم الآلي (عن بعد) في الإشارات الضوئية عام 1922م في ولاية تكساس، ثم تم تطوير أنظمة التحكم عن بعد عام 1963م حيث تم ربط جميع الإشارة الضوئية بمركز تحكم مركزي في مدينة (تورنتو) الأمريكية، مرحلة الإضافات، حيث تم إضافة بعض الألوان والرموز الأخرى على الإشارة الضوئية بما يتناسب وطبيعة التقاطع المقامة عليه الإشارة ومنها: عداد الثواني والذي يقوم بحساب الزمن المتبقي لتغير اللون في الإشارة، رمز حركة مرور المشاة، اللون الأحمر المتقطع للدلالة على ظروف خاصة عند التقاطع مثل سكة قطار، معبر لسيارات الإطفاء وغيرها، مرحلة تطوير الأضواء في الإشارات الضوئية المرورية، وفيها تم استبدال الأضواء المتعارف عليها بأضواء تعتمد على صمام ثنائي باعث للضوء، ويرمز له بالاختصار (LED)؛ حيث كان الدافع وراء ذلك توفير الطاقة، الحصول على قوة إضاءة أعلى، التعامل مع الأعطال التي تصيب أضواء الإشارة بشكل مستقل، بمعنى: أذا تعطل لون في الإشارة، فلا لداعي لتعطل بقية الألوان الأخرى، حيث يمكن التعامل مع الخلل بصورة أسهل وأسرع أما بالنسبة لمستقبل إشارات المرور في ظل التطورات التكنولوجية الراهنة، فتعمل شركتان حالياً على أستخدام نظام المخاطبة بين السيارات للاستغناء عن إشارات المرور وتوزيع حركة المرور حسب وضع الشارع من مارة وراكبي دراجات، وتعمل شركة سوتراك على استغلال الذكاء الأصطناعي في تنظيم حركة السير وفقاً لحركة الشارع كي لا يضيع الوقت في الانتظار عندما يكون الشارع خالياً على سبيل المثال، وتقول الشركة إن هذا البرنامج سيقلل من زمن السفر بنحو 25% ويخفف من أنبعاثات الغاز بنحو 40% ويطلق العنان للذكاء الأصطناعي باتخاذ قرار تنظيم السير في كل تقاطع وفق ما يتطلبه الوضع ..

▪️تعد شجرة إشارة المرور التي صممها النحات الفرنسي "بيير فيفانت" في لندن في عام 1998م من الأكثر إبتكاراً، ويصل طولها إلى ثمانية أمتار وتتكون من 75 مجموعة من الأضواء، وأصبحت وجهة محببة للسائحين في العاصمة البريطانية، بل وبدأ الابتكار في تصميم شكل الإشارة ..

مستقبل إشارات المرور :

▪️بالرغم من أن السيارات ذاتية القيادة أصبحت أكثر واقعية، إلا أن العديد من التحسينات على إشارات المرور تدرس التقنيات الجديدة والقادمة، ونشر الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في عام 2016م في بلوس وأن حيث تكون إشارات المرور غير موجودة أساساً، وتتواصل جميع السيارات المستقلة مع بعضها البعض فيما يعرف بالتقاطع القائم على الفتحة، حيث تقوم السيارات بدلاً من التوقف بتعديل سرعتها تلقائياً لتمريرها عبر التقاطع مع الحفاظ على المسافات الآمنة للمركبات الأخرى، وهذا النظام مرن ويمكن تصميمه أيضاً ليشمل المشاه وراكبي الدراجات ووضعهم في الأعتبار ..

▪️هناك إبتكار آخر يسمى شورتراك اتى من بيتسبيرج بنسلفانيا، من شركة تسمى تكنولوجيا الانتاج السريع، وبدأت الاختبارات التجريبية منذ عام 2012م، وتستخدم إشارات المرور الذكاء الصناعي للتكيف مع ظروف حركة المرور المتغيرة، وتقول الشركة إن أوقات التحرك قد انخفضت بأكثر من 25%، وأوقات الأنتظار في الأضواء الحمراء إنخفضت بنحو 40%، ويأخذ الجهاز في الاعتبار ظروف الوقت الفعلية من الثانية إلى الثانية وهي قابلة أن تتمدد في مناطق أكبر لأن كل تقاطع يتخذ قراراته الخاصة به بدلاً من نظام مركزي واحد .




رأيكم يهــمنا

تهمّنا آراؤكم لذا نتمنى على القرّاء التقيّد بقواعد التعليقات التالية :
أن يكون للتعليق صلة مباشرة بمضمون المقال.
أن يقدّم فكرة جديدة أو رأياً جدّياً ويفتح باباً للنقاش البنّاء.
أن لا يتضمن قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم.
أن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.
لا يسمح بتضمين التعليق أية دعاية تجارية.