English news

02 أكتوبر, 2023 11:14:52 م

(صوت الشعب) كتبه - د.صائل الرباع:

ظهر مسمى (اليمن السياسي) لأول مرة تاريخيا في سنة 1918م عندما قرر امام المملكة المتوكلية الهاشمية تغيير اسم مملكته لتصبح (المملكة المتوكلية اليمنية).

ومثلت هذه الخطوة منعطفا خطيراً حيث ان مسمى "اليمن" جغرافيا هو لمنطقة جغرافية واسعة جدا تقع يمين "مكه" وهو مشابه "للشام الجغرافي" وتكون هذه الوحدات الجغرافية مكونة من عدة دول بالعادة , وهكذا كان الوضع في اليمن الجغرافي فقد كان ضمنه جزء من المملكة السعودية ومملكة الأدارسة وسلطنات ومشيخات الجنوب العربي وسلطنات و إمارات ومشيخات ساحل الخليج والجزر في خليج عدن وعمان والبحر الاحمر ..

كل هذه المساحة الجغرافية هي اليمن الجغرافي.. قرر إمام "الزيدية" في صنعاء تسمية مملكته "المملكة المتوكلية اليمنية" لنظرته التوسعية ولإعطائه الحق في ضم أراضي مملكة الأدارسة عند سقوطها وهي التي كانت تترنح بالفعل.

تنبه الملك عبدالعزيز لخطة الإمام في صنعاء وأشتعلت بينهم الحرب التي انتهت بما سمي بإتفاقية الطائف 1934 حيث تم تقاسم أراضي الأدارسة بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتوكلية الهاشمية (اليمنية).

هذه اللعبة السياسية بتجيير اسم اليمن الجغرافي لجهة سياسية هي "المملكة المتوكلية" أصبحت فيما بعد عنوان عريض لعملية تزييف واسع وعملية "يمننة ثقافية واسعة" حاول بها (أنصار اليمننة) إيهام العالم بان هذه المنطقة الجغرافية هي وحدة سياسية أو كيان سياسي واحد، وتم يمننة ثقافات اكثر عراقة وضربا في التاريخ من الثقافة اليمنية بنفسها كثقافة حضرموت وشبوة والمهرة وسقطرى وعدن ولحج ، ولو استطاع اليمنيون اليوم لقالوا ان ثقافات الخليج بأكملها هي ثقافات تابعة لهم..

اليمننة كانت غلطة تأريخية ، ويجب الفصل بين ما هو جغرافي وما هو سياسي .

فلو فرضنا اليوم ان دولة من دول الخليج العربي أسمت نفسها "دولة الخليج العربي" فهل يحق لها المطالبة بحكم كل الخليج؟ او الادعاء بأن كل الثقافات الخليجية هي جزء من ثقافتها؟ بالطبع لا ،،

وهكذا ايضا بالنسبه للمغرب العربي فرغم وجود دولة إسمها "المملكة المغربية" لم يتم الدعوة لان تكون كل اراضي "المغرب العربي جغرافيا" تحتها ولا ادعت المغرب ان ثقافات تونس وليبيا والجزائر....إلخ هي ثقافات مغربية..

في الشام رغم أن إسم الشام اصبح يعني مجازا (دمشق) عند اغلب اهل الشام ، الا انهم احترموا خصوصية بعضهم ولم تقول سورية بان لبنان والاردن وفلسطين وكل الشام هي اجزاء من سورية ..وإن حاول ذلك بعض القوميين العرب ولكنهم انصدموا بوعي ابناء المنطقة.

في اليمن وفقط في اليمن إنطلت خدعة "اليمننة السياسية" على العرب وعلى اليمنيين وعلى سكان اليمن الجغرافي.

وهو ما خلق هذا الصلف الزيدي(*مذهب ديني كان المذهب الرسمي للملكة المتوكلية) ويسيطر الزيود على مراكز القرار السياسي فيما كان يسمى (بالجمهورية العربية اليمنية), وما زال هذا الصلف مستمرا ومدعوما رغم ما جره من مآسي وحروب ورفض شعبي جنوبي وسعودي وخليجي لهذه العقليات التي تريد أن تفرض حكمها على كل شي في (اليمن الجغرافي الكبير) وتجعله ملكها ،

بما في ذلك تراث وتاريخ وثقافة ولغات شعوب المنطقة، فلا يجوز ان نقول ان ثقافة عدن او لحج او حضرموت او المهرة او سقطرى او حتى الثقافة السبئية لا يجوز ان نقول انها يمنية (تتبع الجمهورية اليمنية سياسيا) ، ولكنها حضارات نشأت في منطقة جغرافية واسعة تسمى "اليمن الجغرافي" ويوجد في هذه المساحة الجغرافية الواسعة دول ومكونات سياسية مختلفه منها الجنوب العربي وعمان وأجزاء من السعودية والامارات وبعض الدول الأخرى ودول جديدة قد تتشكل من اتحاد الوحدات السياسية المختلفة أو استقلال بعضها..

كما لا يجوز للمنظمات الدولية المعنية بالثقافة والتراث تسجيل مفردات التراثات والثقافات المحلية في حضرموت وسقطرى وشبوة وغيرها بأسماء يمنية ؟ كما حصل مع "يوم الوعل الحضرمي" الذي اصبح "يوم الوعل اليمني" ، و"طبق المندي الشبواني" الذي اصبح اسمه "طبق المندي اليمني" وتم تسجيله كجزء من التراث اليمني و تعمل "ميكنة" اليمننة الثقافية والسياسية بدون توقف وتحاول سلب كل شعوب المنطقة من اي شيء يميزهم ثقافيا عن "اليمن السياسي" ولهذا وجب التنبيه على أهمية التراثات والثقافات المحلية، في وسط هذه المعارك السياسية..

* صائل حسن بن رباع




رأيكم يهــمنا

تهمّنا آراؤكم لذا نتمنى على القرّاء التقيّد بقواعد التعليقات التالية :
أن يكون للتعليق صلة مباشرة بمضمون المقال.
أن يقدّم فكرة جديدة أو رأياً جدّياً ويفتح باباً للنقاش البنّاء.
أن لا يتضمن قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم.
أن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.
لا يسمح بتضمين التعليق أية دعاية تجارية.