04 مايو, 2025 04:59:00 م
(صوت الشعب) إرم نيوز:
يواجه رئيس الحكومة الجديد في ، تحديات بالغة في معالجة أبرز الملفات الشائكة، التي عجزت الحكومات السابقة عن تحقيق إصلاحات ملموسة في معظمها، في ظل فقدان الدولة اليمنية لأهم مواردها المالية إثر توقف تصدير النفط الخام، بحسب خبراء.
ووفقًا لقرار صادر عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، عُيّن وزير المالية،، مساء أمس السبت، رئيسًا لمجلس الوزراء، خلفًا لرئيس الحكومة السابق، أحمد عوض بن مبارك.
ومع تأكيد المادة الثانية من قرار تعيينه الرئاسي، على "استمرار أعضاء الحكومة في أداء مهامهم وفقًا لقرار تعيينهم"، يتعيّن على رئيس الحكومة الجديد، قيادة الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة إلى برّ الأمان.
كما عليه تجاوز التحديات والعوائق وتحقيق النجاحات، بتشكيلة وزارية لم يقم باختيارها، بل تم تعيينها بشكل توافقي أواخر العام 2020، وهو الأمر الذي فشل فيه سلفه بن مبارك، على مدى عام وثلاثة أشهر.
تركة ثقيلة
وتمتلئ طاولة بن بريك، بتركة ثقيلة من الملفات المعقّدة والمتعثّرة، سواء على الصعيد السياسي والعسكري والأمني وجهود استعادة مؤسسات الدولة من ميليشيا الحوثي، وإنهاء انقلابها، أم على مستوى الأوضاع الاقتصادية المتردّية وحالة الانهيار غير المسبوقة في توفير الخدمات الضرورية، وإيفاء الحكومة بالتزاماتها تجاه مواطنيها وموظفي القطاع الحكومي.
ومن بين جملة الملفات المتزاحمة، يأتي الوضع الاقتصادي كأحد أبرز الملفات التي تحتاج إلى تدخل وإصلاحات عاجلة، باعتباره أولوية قصوى، تتعلق باحتياجات المواطنين الذين يواجهون ظروفًا معيشية متدهورة، مع الانهيار القياسي للعملة الوطنية، التي وصلت حتى مساء أمس السبت، إلى 2535 ريالًا يمنيًا، مقابل الدولار الأمريكي الواقع، ما أدى إلى تزايد معدلات التضخم وتضاؤل القدرة الشرائية، وفاقم من أعباء أزمة البلد الإنسانية، التي تصفها الأمم المتحدة بـ"الأسوأ عالميًا".
تحديات معقّدة
ويرى القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي، منصور صالح، أن الظروف معقّدة والمسؤولية كبيرة، وهي لا ترتبط بشخص رئيس الحكومة، بل بإمكانيات الدولة في ظل حرب ممتدة لأكثر من 10 أعوام، وتعقيدات متراكمة طوال هذه الفترة.
وقال صالح في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن أبرز التحديات التي ستواجه رئيس الحكومة الجديد، تتجسد في توقف الصادرات النفطية، وعدم تجانس أعضاء الحكومة، ووضع الفساد المستشري، "وبالتالي فإن بن بريك أمام مهمّة معقدة لتفكيك منظومة الفساد الخطيرة والعميقة، لتحقيق أي إنجاز ملموس".
وبحسبه، فإن الوضع الاقتصادي المنهار ووقف تدهور العملة المحلية، هما الأكثر أهمية حاليًا، في ظل عجز الدولة عن الانتظام في صرف معاشات موظفيها المتدنية أصلًا مع استمرار فقدان الريال اليمني لأضعاف قيمته المادية.
وذكر أن الملف الخدمي، وتحديدًا الكهرباء، هو التحدي الأبرز بالنسبة لعدن والمحافظات الساحلية الأشد حرارة، "خاصة ونحن في فصل الصيف الذي يرتبط كل عام بأزمة انقطاع التيار الكهربائي التي تفاقمت مؤخرًا لتصل إلى حد الانقطاع شبه الكلي".
وتوقع صالح أن تكون مهمة بن بريك، صعبة وشائكة، وتحتاج إلى إمكانيات هائلة ودعم إقليمي ودولي للميزانية العامة، لتحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود، وتحسين قيمة العملة المحلية.
وأضاف: "من بين أبرز الإجراءات المطلوبة لتحقيق ذلك، هو إعادة تصدير النفط، ووقف العبث بموارد الدولة، وإنهاء تمرد بعض المحافظات عن توريد إيراداتها المالية إلى مقر البنك المركزي الرئيس في عدن".
ومنذ أواخر العام 2022، خسرت الحكومة اليمنية ما يتجاوز 6 مليارات دولار، نتيجة توقف تصدير النفط الخام إلى الخارج، بعد اعتداء الحوثيين على منشآت تصديره في ميناءي حضرموت وشبوة، الواقعين تحت سيطرة الحكومة الشرعية، واشتراط الميليشيا حصولها على الحصة الأكبر من المبيعات النفطية.
وتشهد مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، تردٍ غير مسبوق على مستوى الخدمات، تسبب باندلاع احتجاجات متواصلة على مدى أيام الأسبوع الماضي، مع وصول انقطاع خدمة الكهرباء إلى 22 ساعة يوميًا، وسط عجز الحكومة عن توفير وقود تشغيل محطات توليد التيار الكهربائي.
وإلى جانب ذلك، تعطّلت العملية التعليمية في العاصمة المؤقتة عدن، إثر إضراب المعلمين وموظفي القطاع التربوي احتجاجًا على عدم انتظام صرف مرتباتهم الشهرية، وعدم التزام الحكومة بتعهداتها السابقة بهيكلة الأجور بما يتناسب مع الحالة المعيشية المتدهورة، إلى جانب مطالب إطلاق جميع العلاوات المجمدة، وهو ما تسبب في توقف التعليم الحكومي طوال الفصل الدراسي الثاني.
إصلاح حقيقي
ويعتقد الخبير الاقتصادي، ماجد الداعري، أن الحكومة في عهد رئيسها الجديد، سالم بن بريك، بحاجة إلى تبني برنامج إصلاح اقتصادي حقيقي، مبني على سياسة التقشّف وتقليص الإنفاق الوطني إلى أدنى المستويات، في ظل جملة التحديات الماثلة أمامها.
وأشار الداعري في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى ضرورة انتهاج سياسة واقعية مدروسة بعناية للحرب على الفساد، وتجنب المواجهة المباشرة والمتسرعة والتعامل بمنطقية مع كبار المسؤولين حول تقليص مخصصات تسيير أعمال الوزارات والمؤسسات الحكومية، لتجنب تكرار أخطاء رئيس الحكومة السابق، التي أدت إلى تعطيل أعمال واجتماعات مجلس الوزراء، خلال الفترة الماضية.
وشدد على أهمية خلق توافقات في قوى الحكومة، على تبني سياسة نقدية واقعية، قائمة على التعاون الاستثنائي المراعي لطبيعة المرحلة الاقتصادية الصعبة، وضرورة التوصّل إلى تفاهمات ملزمة لإيجاد حلول وإصلاحات قابلة للاستدامة، فيما يتعلق باستقرار صرف العملة الوطنية، باعتبارها قضية وطنية، يجب أن تحتل صدارة أولويات الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي وقيادة البنك المركزي اليمني، خلال الفترة المقبلة.
وأكد الداعري على أهمية فتح بن بريك، علاقة مباشرة مع قيادة المركزي اليمني، بصفته رئيسًا للحكومة ووزيرًا للمالية، لوضع معالجات مصرفية حقيقية لوقف نزيف العملة المحلية.
واستطرد: "حتى لو كان ذلك بالاستعانة بلجنة من الخبراء الاقتصاديين وقيادات البنوك والقطاع المصرفي وتعيينهم بالمجلس الاقتصادي الأعلى، لضمان تفعيله والعمل وفق رؤية وطنية انقاذية، تتجاوز التحديات المتعلقة بعدم قدرة الحكومة على توفير سيولة مالية لتغطية بند المرتبات".