ملفـات وتقـاريـر

03 فبراير, 2023 04:56:02 ص

عدن(صوت الشعب) متابعات:

لم يكن القرار مفاجئا من حيث دوافعه وتوقيته، لقد جرت أمور كثيرة خلال المرحلة الماضية، سواء على صعيد المجلس الرئاسي المهلهل أو على صعيد علاقات التحالف بالجنوب والقوى البارزة اللاعبة فيه.

لقد أصبحت لرئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي قوات خاصة به وتاتمر بأمره، فالقرار الجمهوري الصادر يوم امس الأحد بتشكيل #قوات_درع_الوطن بقيادة القائد السلفي بشير المضربي الصبيحي، حصر هذه القوات تحت مسؤولية الرئيس العليمي، ولم يجعلها ضمن مؤسسة الجيش التابعة لوزارة الدفاع في الحكومة اليمنية، ما يعني أن الداعم الرئيسي لهذه القوات وهو المملكة العربية السعودية أرادت أن تنشئ قوات خاصة للعليمي كما هو الحال بأعضاء المجلس الرئاسي الذين لدى عدد منهم قوات والوية ومليشيات تاتمر بأمرهم مدعومة ايضا من الطرف الآخر في التحالف.

فلتعلم جميع الاصوات التي انبرت ناقدة ومستهجنة لهذا القرار،أن قوات درع الوطن أعلن عن تشكيلها قبل عام ونيف تقريبا، وتم تسجيل أفرادها بصورة طبيعية في مناطق عدة وبعد اكتمالها تلقت تدريبات في مناطق سعودية وجنوبية قبل أن تباشر عملها قبل نحو اشهر، الموضوع ليس جديدا، ولم يعلق أحد أو يعترض على تأسيس مثل هذه القوات الغامضة المهام منذ البداية، لكن قرار الامس فجر موجة غضب واستنكار كبيرين على اصعدة مختلفة، لاسيما وأن الرسائل التي اريد إيصالها من هذا القرار بدأت واضحة غير قابلة للجدل.

بالاضافة إلى كون التحالف اصبح مهتما بتكريس قيادات الدولة في اليمن باعتبارهم قادة مليشيات وقوات غير متوائمة أو منسجمة قابلة للصدام والصراع في أية لحظة، فان اعلان تأسيس درع الوطن في الجنوب حمل ايضا اكثر من رسالة من أبرزها محاولة احباط تطلعات الجنوبيين في السعي إلى استعادة دولتهم الجنوبية المستقلة، وخلق قوة عسكرية منافسة للمجلس الانتقالي الذي فشلت كل المحاولات عبر الهيكلة وغيرها في إذابة قواته أو تمزيقها.

لقي القرار استنكارا كبيرا في أوساط الجنوبيين الذين اعتبروه طعنة سعودية في ظهر مشروعهم الجنوبي، ومحاولة لدفع الجنوب إلى صراع فرض ارادت قادم، قد يجر إلى ويلات ودماء وازهاق أرواح عديدة الجميع في غناء عنها.

هل تورط الانتقالي من خلال التوقيع على اتفاق الرياض، الذي لم ينفذ منه سواء البنود الهادفة إلى الالتفاف على قضية الجنوب وتطلعات شعبه المشروعة؟ فمن الشراكة في السلطة التي لم يجن منها الجنوبيون سواء الضرر البالغ، إلى تشكيل درع الوطن، يبدو أن اتفاق الرياض كان طعما خطيرا ابتلعه الانتقالي، لكنه لم يهضمه بعد، إذ ما تزال في الأفق مساحة للمناورة وقدره على الرفض، يعرف اخواننا في الانتقالي كيف يمكن القيام بها، لمنع التمادي فيما هو أكبر من ذلك ربما.

هناك من يرى ايضا أن قوات درع الوطن التي يشكل الجنوبيون قوامها الأكبر، لن تكون اليد الطيعة التي يمكن أن تستخدم ضد الجنوب ومشروعه السياسي، كون أغلبية الجنوبين مؤمنين بمشروعهم، الا ان مثل هذا الكلام يظل في خانة التمنيات التي يصعب حسمها الا باختبارها على الواقع اولا.

عندما قال مسارات في تقارير وتحليلات سابقة أن الجنوب ومشروعه السياسي يواجهان تحديات كبيرة، كان واقعيا في قراءة الأحداث، ومستشرفا للمعطيات او النتائج التي يمكن أن تنتجها، وها نحن نرى الجنوب وشعبه ينتقلان من تحد الى اخر في الوقت الذي يريد اللاعب الخارجي خلق الهوة بين الشعب وقياداته من خلال أجندته التي يفرضها بقوة الضغط على هذه القيادات في محاولة لتصوير وجعل تطلعات الجنوبيين بدون راس او محرك، بهدف احباط الشعب وخفض طموحاته، وإعادته إلى المربع الأول.

المسالة تبدو خطيرة، ويمكن التكهن بمالات عديدة يريد الخارج من خلالها اشهار فزاعات كثيرة في وجه الشعب من بينها التقسيم والتمزيق، استمرار الصراع، وغيرها، لكن المؤكد أن الشعب في الجنوب سيظل صامدا مؤمنا باهدافه، ويراهن على نفسه وقوته الذاتية في المقام الاول لإفشال المشاريع التي تستهدفه.

--------__

تحليل خاص بمركز مسارات للاستراتيجيا والاعلام




رأيكم يهــمنا

تهمّنا آراؤكم لذا نتمنى على القرّاء التقيّد بقواعد التعليقات التالية :
أن يكون للتعليق صلة مباشرة بمضمون المقال.
أن يقدّم فكرة جديدة أو رأياً جدّياً ويفتح باباً للنقاش البنّاء.
أن لا يتضمن قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم.
أن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.
لا يسمح بتضمين التعليق أية دعاية تجارية.