27 يوليو, 2025 09:44:44 ص
إن أبشع ما قد تُقدم عليه أي دولة هو أن تنفي شرفاءها، أو تضعهم خلف القضبان كما لو كانوا مجرمين، لا لشيء سوى لأنهم تمسّكوا بآرائهم، ولم يخشوا الجهر بالحق. حين تُعامل السلطة أصحاب الرأي المختلف كأعداء للدولة وتزجّ بهم في غياهب السجون، فإنها تُسجّل على نفسها عاراً تاريخياً، بينما يسطّر هؤلاء المعتقلون مواقف بطولية وشجاعة خالدة، إذ يموتون أو يتألمون في سبيل الحرية بكرامة، بينما يخشاها المجرمون الحقيقيون.
مانع سليمان واحد من أولئك الأحرار الذين دفعوا ثمن الكلمة والموقف. فمنذ أكثر من عام ونصف، يقبع خلف القضبان دون محاكمة عادلة، ودون توجيه تهم واضحة، فقط لأنه رفض أن يساوم على مبادئه، واختار أن يكون صوته صدى للحقيقة.
لقد تعرّض مانع سليمان، مثل مئات الناشطين والإعلاميين الشرفاء، لاعتقال تعسفي سلبه حريته وحقه في الحياة الكريمة. كل ذنبه أنه حمل قلمه دفاعاً عن الحق والعدالة، فكان مصيره أن يُقمع وتُصادر إنسانيته.
آلة القمع والتعذيب
في زنازين السجون، حيث يُمارس التحقيق القاسي، والتهم الملفقة، والتعذيب النفسي والجسدي، يقاوم مانع سليمان بعزيمة لا تنكسر. خمسة عشر يوماً من التحقيقات المرهقة والاتهامات الجائرة لم تكسر إرادته، بل زادته يقيناً بأن الحرية أغلى من أي ثمن. وحين صفعه الضابط، لم يسقط، لأن سقوطه كان يعني هزيمة فكرٍ وقلمٍ لا ينحني.
إن السجن لا يسلب الإنسان فكره ووعيه، لكنه يترك ندوباً نفسية عميقة، قد تتحول إلى كوابيس ووساوس تلاحق المعتقل حتى بعد أن ينال حريته.
مأساة مستمرة
ما يزيد من قسوة هذه المأساة أن ملف مانع سليمان لم يُحرَّك منذ أشهر طويلة، وكأن هناك إصراراً على إبقائه رهينة لآلة القمع، دون أي اعتبار للقانون أو حقوق الإنسان. هذه الانتهاكات ليست حالات فردية، بل سياسة ممنهجة تستهدف كل صوت حر، من مثقفين وإعلاميين وناشطين، وحتى مواطنين عاديين، لأسباب تتراوح بين تصفية حسابات أو ابتزاز مادي.
العدالة الغائبة
إن معاناة مانع سليمان لا تتوقف عند حدود السجن، بل تمتد إلى أسرته ومستقبله، حيث تُسرق سنوات عمره ظلماً، تاركة جروحاً لا تندمل. كل يوم يمضيه خلف القضبان هو وصمة عار على جبين من يمارسون هذا الظلم، وإهانة لكل القيم الإنسانية والدينية والوطنية.
نداء حرية
فإلى متى يستمر هذا القمع والتعسف بحق أبناء ذمار، وخاصة أبناء جبل الشرق؟!
ومتى تدرك سلطات مأرب أن هذه الممارسات الهمجية تناقض تعاليم الإسلام، وتتنافى مع أبسط مبادئ العدالة والحرية؟