ملفـات وتقـاريـر

29 ديسمبر, 2025 12:15:42 ص

عدن (صوت الشعب) كتبه| د. مريم العفيف

على امتداد تاريخ الجنوب العربي، أثبتت المرأة الجنوبية أنها ليست مجرد عنصر تكميلي، بل شريك أساسي في كل مرحلة من مراحل النضال الوطني والتحرر. من الدفاع عن الأرض والكرامة، إلى المشاركة في بناء مؤسسات الدولة وصياغة الوعي الجمعي، كانت المرأة جزءًا أصيلاً في صناعة التاريخ الجنوبي.

حضور المرأة الجنوبية في الاعتصامات إلى جانب الرجل ليس مجرد رمزية، بل هو استمرار لمسيرة طويلة من الالتزام الوطني والمسؤولية المجتمعية.

فالجنوب عرف منذ بدايات الحركة الوطنية نساءً فاعلات في مواجهة الاستعمار، والدفاع عن الأرض، وبناء مؤسسات وطنية، وترسيخ مشروع القضية الجنوبية كقضية وطنية جامعة لكل أبناء الجنوب.

التجارب أثبتت عالميًا ومحليًا أن أي حراك وطني يفقد جزءًا كبيرًا من قوته حين يُقصي المرأة، وأن أي اعتصام يكتسب مصداقيته الكاملة حين تكون النساء حاضرات بوعي وتنظيم. المرأة الجنوبية تمثل الأسرة، والحي، والذاكرة الوطنية، وتعكس حجم المعاناة اليومية التي يعيشها المجتمع، خصوصًا في ظل الانهيار الاقتصادي وتردي الخدمات وانعدام الأمن، وهي معاناة تتضاعف على عاتق النساء.

مشاركة المرأة الجنوبية إلى جانب الرجل تعكس شراكة وطنية حقيقية، وتوجه رسالة واضحة للداخل والخارج: أن الجنوب يسير بوحدة مجتمعية كاملة، وأن مطالبه ليست مطالب فئة أو جهة بعينها، بل هي إرادة شعب بأكمله، نساءً ورجالاً، كبارًا وصغارًا. حضورها يضمن الطابع المنضبط للاعتصام، ويعزز الشرعية الوطنية ويصد محاولات التشويه.

المرأة الجنوبية تلعب دورًا محوريًا في تنظيم الاعتصامات، وإدارتها، وإيصال صوتها، والحفاظ على النظام، كما ساهمت تاريخيًا في الحفاظ على الطابع الحضاري للمطالب، ومنعت الانجرار نحو الفوضى أو الصدام، وهو دور أثبتت فعاليته في كل المحطات الوطنية.

اليوم، ومع اقتراب مرحلة إعلان دولة الجنوب العربي، تنتظر المرأة الجنوبية هذه اللحظة بكل شغف، مؤكدة وقوفها جنبًا إلى جنب مع الرجال والقيادة الوطنية، في سبيل تحقيق الحق المشروع وبناء مؤسسات الدولة على أسس العدل، وسيادة القانون، والمواطنة المتساوية.

استحقاق الوطن، الأرض، والإنسان لا يمكن أن يتحقق بنصف مجتمع. فالمرأة الجنوبية ليست عنصرًا شكليًا أو داعمًا خارجيًا، بل ركيزة أساسية من ركائز النضال الوطني، شريكة كاملة في صنع القرار والمستقبل. مشاركتها في الاعتصامات والمبادرات الوطنية تعكس إرادة شعبية واعية، وتؤكد أن الحرية والاستقلال لا يُنتزعان إلا بالتكامل والمشاركة الحقيقية لكل مكونات المجتمع.

خلاصة القول، إن الجنوب العربي يمر اليوم بمرحلة مفصلية تتطلب أقصى درجات الاصطفاف والتكاتف الوطني، والحفاظ على وحدته واستكمال بناء الدولة. والمرأة الجنوبية، بحضورها ومبادرتها، تثبت أنها شريك أساسي في هذا المشروع، لا تابع، وأن صوتها وحركتها هما جزء من إرادة شعبية جماعية، ستعلن قريبًا ولادة دولة الجنوب العربي، دولة العدالة والمواطنة والشراكة الكاملة.




رأيكم يهــمنا

تهمّنا آراؤكم لذا نتمنى على القرّاء التقيّد بقواعد التعليقات التالية :
أن يكون للتعليق صلة مباشرة بمضمون المقال.
أن يقدّم فكرة جديدة أو رأياً جدّياً ويفتح باباً للنقاش البنّاء.
أن لا يتضمن قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم.
أن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.
لا يسمح بتضمين التعليق أية دعاية تجارية.