ملفـات وتقـاريـر

24 أبريل, 2023 04:23:37 م

(صوت الشعب) سوث24 | رعد الريمي :

على  مداخل ومخارج المدينة الساحلية الاستراتيجية، جنود شبان يرتدون هندامًا عسكريًا يحمل الأعلام الوطنية لدولة اليمن الجنوبي. حضور أمني لم يكن متوقعًا على المدى القريب قبل أعوام فقط، حيث كانت أهم مدن الجنوب تفيق بشكل شبه يومي على حوادث الاغتيال والتفجيرات.

إنَّه العام 2023 في عدن، العاصمة الرسمية لليمن منذ قرابة 8 سنوات، ومقر الحكومة الشرعية المُعترف بها دوليًا. تتعافى المدينة التي تحتضن مئات الآلاف من النازحين واللاجئين بسرعة، مع تطبيع ملحوظ للأوضاع الأمنية رغم الاضطرابات السياسية والعسكرية المستمرة.


ومنذ أبريل المنصرم وحتَّى أبريل الجاري، عام كامل من الهدوء والسكينة في عدن مع مستويات عنف وجريمة هي الأدنى منذ سنوات. لقد استقبلت عدن وفودا أجنبية كما لم تفعل أي مدينة أخرى في البلاد خلال الأعوام الأخيرة، في إشارة واضحة للتقدم الأمني.

إنجازات أمنية 

إلى جانب أمن عدن العام، تنشط قوات أمنية جنوبية عدَّة في المدينة، على رأسها قوات الحزام الأمني وقوات العاصفة الرئاسية، بالإضافة لقوات مكافحة الإرهاب. جزء كبير من هذه القوات نشأ بدعم من التحالف العربي، وبشكل أساسي دولة الإمارات.

نائب مدير أمن عدن، العميد أبو بكر جبر، تحدث لمركز "سوث24" عن التقدم الأمني الكبير في العاصمة: "هناك تنسيق أمني متكامل في عدن. كل الوحدات الأمنية تعمل بشكل منظم تحت إشراف المحافظ رئيس اللجنة الأمنية أحمد لملس. هناك غرفة عمليات مشتركة تدير العملية الأمنية".

وأضاف: "كثير من الأنشطة الإرهابية التي كانت تتم في عدن تكشفت وتكشف الداعمون لها. أمسكنا بخيوط عمليات الاغتيال التي كانت تحدث وحقَّقنا مع المعتقلين والمحتجزين على ذمة هذه العمليات التي حاولت إظهار عدن كمدينة غير آمنة".

ولفت رئيس اللجنة الأمنية العليا في المجلس الانتقالي الجنوبي، اللواء علي العولقي، إلى أنَّ ما تشهده عدن من أداء أمني متقدم يرجع إلى "الرغبة الجامحة لسكان عدن والجنوبين بشكل عام في الحياة المدنية الآمنة والمسالمة والكريمة".


وأضاف لـ "سوث24": "ما تحقق من انتصارات أمنية عائد إلى أن الشعب تواق للأمن والسلام. هناك جهود أمنية كبيرة برعاية القيادة السياسية بالمجلس الانتقالي الجنوبي. إنَّنا نعمل ونضع الخطط وكل مسارات العمل الأمني بما يحفظ حياة الناس ويصون الاستقرار".

ويشرح قائد الحزام الأمني في العاصمة عدن، العميد جلال الربيعي، ما قامت به قوات الحزام الأمني من إنجازات وأرقام خلال العام 2022. وقال لمركز "سوث24": "استقبلت قوات الحزام الأمني (1003) سجينًا على ذمة قضايا مختلفة خلال عام 2022، كما تم ضبط أكثر من (200) مركبة وسيارة مشبوهة أو مخالفة خلال الفترة نفسها".

وأضاف: "نفذَّت قوات الحزام الأمني عمليات نوعية في ذات الفترة نتج عنها القبض على أكثر من (30) عنصراً خطرًا من المنتمين للخلايا الإرهابية بما في ذلك تلك التابعة لمليشيات الحوثي، وخلايا التجسس والرصد وغسيل الأموال وتهريب الأسلحة".

وأردف: "نفذَنا (44) حملة انتشار أمني لسد الثغرات الأمنية في محيط العاصمة عدن وإغلاق أسواق السلاح ومنع إطلاق النار العشوائي، كما نفذنا (264) مهمة أمنية إسنادية للسلطات المحلية والأجهزة الأمنية الأخرى، بالإضافة إلى (120) مهمة تأمينية للمؤتمرات والندوات والفعاليات والمحاكمات وحماية الشخصيات المهمة".

وفي حديث لـ "سوث24"، عدَّد قائد قوات العاصفة الرئاسية العميد أوسان العنشلي أهم الإنجازات خلال عام 2022: "نفذنا قرابة (1450) مهمة خلال العام السابق، (400) مهمة منها اختصت بمرافقة وتأمين مسؤولين وقادة وسفراء وأعضاء بعثات دبلوماسية".


وأضاف: "ألقينا القبض على أكثر من (300) متهمًا بقضايا مختلفة من بينهم (30) متهمًا بالانتماء لتنظيمي القاعدة وداعش والحوثيين، و(57) متهما بقضايا محاولة زعزعة الأمن والاستقرار والإتجار بالمخدرات وقضايا السرقة وغيرها".

وأردف: "قامت قوات العاصفة الرئاسية خلال ذات الفترة بـ (511) مهمة انتشار أمني وحملات أمنية، وحوالي (539) مهمة خاصة. ضبطنا أكثر من (300) مركبة غير مرقمة وحوالي (250) دراج نارية أغلبها تم إتلافها لمخالفة القانون".

وأوضح العنشلي أنَّ مهام قوات العاصفة تركز بشكل رئيسي على "حماية وتأمين قصر المعاشيق الرئاسي، وتأمين تحركات الشخصيات المهمة وفي مقدمتها رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي وأعضاء المجلس الرئاسي الآخرين".

وأضاف: "تقوم قوات العاصفة الرئاسية بتأمين ومرافقة السفراء والبعثات الدبلوماسية والمبعوث الأممي، كذلك نقوم بتأمين وحماية المؤسسات الحكومية منها الهجرة والجوازات والبنك المركزي والبنك الأهلي ومبنى رئاسة الوزراء ومجلس القضاء الأعلى، وتأمين الاحتفالات الرسمية".


وبالتوازي مع هذه الإنجازات الأمنية، تقوم الأجهزة الأمنية الجنوبية بعمليات تحديث وتطوير مستمرة رغم شحة الإمكانات. وفي هذا الصدد، قال العميد جلال الربيعي: "قمنا بإعادة تأهيل 12 مبنى أمني بتكلفة بلغت 118 مليون ريال يمني، وأقمنا عشرات الدورات التدريبية التي استهدفت عدد 1700 ضابطا وجنديا".

وأشار الربيعي إلى أنَّ 87% من قوام قوات الحزام الأمني اليوم "هم من حملة الشهادات العلمية"، مضيفًا: "فعلنا نظام الأرشفة المركزي وأنظمة الإدارة الإلكترونية ومنظومة إيصال وربط بين المستويات الإدارية". 

وبالنسبة لقوات العاصفة الرئاسية، لفت العميد أوسان العنشلي إلى تنفيذ (15) دورة تدريبية خلال العام السابق، (7) دورات منها في مجال الحماية الشخصية ومكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى دورات تخريج دفعات جديدة ودورات صاعقة.

وأضاف: "قمنا بتأهيل معسكرات ومحطات وقود لتزويد المركبات العسكرية، كما قمنا بشراء ملابس عسكرية للأفراد وبناء ملاعب رياضية لهم".

وفي ديسمبر الماضي، افتتح مدير أمن عدن اللواء مطهر الشعيبي المبنى الجديد لإدارة حماية الأسرة والشرطة النسائية بشرطة عدن. وجاءت الخطوة ضمن خطوات عديدة لزيادة دور العنصر النسائي في العمل الأمني في عدن خصوصًا في شرطة المنشآت والمرافق الحكومية.



تطبيع الحياة 

بوضوح، يمكن ملاحظة انعكاسات الحالة الأمنية الإيجابية في العاصمة عدن على حياة السكان والمظاهر الاجتماعية المتنوعة. ومؤخرًا، شهدت عدن العديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية والمجتمعية التي غابت لسنوات بسبب الحرب وما لحقها من عنف وضعف أمني.

وفي هذا الاتجاه، قال مدير مكتب الثقافة في عدن الموسيقار أحمد صالح بن غودل لـ "سوث24": "من ثمار استباب الأمن في عدن عودة النشاط الثقافي الجماهيري. هذا النوع من النشاط المجتمعي الكبير لم يكن ليحدث قبل ثلاثة أو أربعة أعوام، لكنَّه يحدث اليوم في ظل التقدم الأمني".


وأضاف: "بدأت نشاطاتنا الثقافية تظهر. نزلنا إلى المدارس ورأينا مواهب في مجال الموسيقي والغناء، ومواهب في المجال التشكيلي. انتشار الأمن جعلنا ننتقل من حالة العمل الإبداعي الفردي إلى الجماعي، والكل يدرك أن عودة النشاط الثقافي ما هي إلا انعكاس للاستقرار الأمني".

ولفت بن غودل إلى مهرجانات شهدتها عدن مؤخرًا مثل مهرجان شتاء عدن، بالإضافة إلى أول فرقة غنائية من الفتيات في عدن. مضيفًا: "هذا مؤشر أيضًا على أن الجهود الأمنية تجاوزت مرحلة الحرب ضد الإرهاب وتقدمت نحو تأمين المجتمع وتوفير الحماية للفن والثقافة".

وفي هذا الصدد، قالت المثقفة العدنية جهاد حداد لـ "سوث24": "هناك ازدحام في الشواطئ والمنتجعات والحدائق والأسواق العامة والمولات في عدن. هذه كلها انعكاسات للحالة الأمنية المتقدمة. الناس يمضون في حياتهم والمدينة تستعيد عافيتها وعمرانها". 

ويتفق الناشط نزار القيسي على تقدم الأداء الأمني في عدن، لكن يرى أنَ عدن بحاجة للمزيد من الجهود لاستعادة مكانتها. وقال لـ "سوث24": "عدن تحتاج المزيد لاستعادة هويتها ومكانتها الاجتماعية والحضارية. يجب إنفاذ القانون وتهيئة هذه المدينة لتكون اللبنة الأساسية لمشروع الدولة".

وتمتد آثار التعافي في عدن إلى مجالات مجتمعية أخرى، مثل الرياضة، وشهدت عدن مؤخراً العديد من البطولات الكروية الحاشدة التي أعادت التذكير بالزمن الذهبي للمدينة حيث امتلأت مدرجات ملعب الحبيشي في منطقة كريتر التاريخية بالمشاهدين. 

بالإضافة لذلك، انتعشت أعمال إعادة تأهيل الطرقات ودوارات الطرق في العديد من المديريات. وافتتح تجار ورواد أعمال مشاريع كبيرة في المدينة مثل المجمعات التجارية والمطاعم والمنتجعات الخضراء في أطراف عدن. 


إمكانات شحيحة 

ويلفت نائب مدير أمن عدن، العميد أبو بكر جبر، إلى "إهمال كبير" تعرَّضت له الأجهزة والقوات الأمنية في العاصمة عدن من قبل وزارة الداخلية والحكومة اليمنية. وأضاف: "إدارة أمن عدن لا تتلقى حقوقها وتعاني من شح شديد في الإمكانات. جلسنا مع وزير الداخلية اللواء إبراهيم حيدان لكن لم يتغير شيء".

ويؤكد اللواء علي العولقي على التقصير من قبل وزارة الداخلية تجاه القوات الأمنية في عدن: "وزارة الداخلية تقاعست عن أداء واجباتها بشكل كبير ولا تقدم أي دعم. لم تتلق الأجهزة الأمنية حتى جهاز اتصال واحد من الداخلية أو حتَّى دورة تأهيلية واحدة"

وأضاف: "أهدرت وزارة الداخلية الأموال لشراء الذمم والولاءات الشخصية دون أن توجه هذه الأموال من الموازنة العامة لتنفيذ المهمة الرئيسة وهي حفظ الأمن والاستقرار. أكثر من 90 ألفا من المنتسبين لهذه الوزارة من أصل 150 ألفا هم من المناطق الشمالية الخاضعة للحوثيين ولا يقومون بأي مهام".

وفي حديثهم مع "سوث24"، أشاد القادة الأمنيون في عدن بدور دولة الإمارات العربية المتحدة في تعزيز العمل الأمني والارتقاء به. وأشار نائب مدير أمن عدن العميد أبو بكر جبر إلى الاتفاقية الأخيرة في أبوظبي لتزويد المنظومة الأمنية بعدن بكاميرات مراقبة حديثة.

وأضاف: "بكل يقين وتأكيد سوف يعزز هذا من الأمن. نحن نقوم الآن بتجهيز غرفة المراقبة بدعم من المحافظ. الدور الإماراتي ملموس للغاية والأشقاء الإماراتيون وعدوا بتأهيل عدد من أقسام الشرطة في عدن بالإضافة لتنفيذ دورات تدريبية للأفراد". 

ويفرض موقع عدن من المعادلات السياسية والعسكرية والاقتصادية يقظة أمنية عالية وجهود أكبر من الجهود الراهنة، حيث تشكل المدينة حجر الزاوية لحضور الدولة في جنوب اليمن، كما أنَّها تعتبر المدينة المعرضة دوما للاستهداف أكثر من غيرها.


إعداد| رعد الريمي:

صحفي في مركز سوث24 للأخبار والدراسات





رأيكم يهــمنا

تهمّنا آراؤكم لذا نتمنى على القرّاء التقيّد بقواعد التعليقات التالية :
أن يكون للتعليق صلة مباشرة بمضمون المقال.
أن يقدّم فكرة جديدة أو رأياً جدّياً ويفتح باباً للنقاش البنّاء.
أن لا يتضمن قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم.
أن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.
لا يسمح بتضمين التعليق أية دعاية تجارية.