كتابات وآراء


15 يناير, 2024 12:15:00 ص

كُتب بواسطة : عبدالكريم سالم السعدي - ارشيف الكاتب



كتب/ عبدالكريم سالم السعدي:

تمر على بقايا اطلال الجنوب اليوم ذكرى دعوة التصالح والتسامح الثامنة عشر في ظل واقع سياسي واجتماعي واقتصادي متردي تؤكد بشاعة صوّره أن هذه الخطوة مازالت أسيرة لمفردات خطاب جنوبي متصارع ولم تتاح لها بعد فرصة للحياة والخروج قولا وفعلا من قاع مفردات ذلك الخطاب إلى براح الواقع الفعلي!

جاءت خطوة التصالح والتسامح في العام 2006م استجابة لضرورة وطنية ولتردم الهوة بين أبناء الجنوب والتي احدثتها الصراعات السابقة(بمختلف وجوهها) ولتضع حد لأسباب تلك الصراعات وتؤسس لجنوب متعافي من الفكر والسلوك الشمولي لا تخضعه ثقافة فرض الأمر الواقع ، ولا تكبل علاقات ابنائه فيما بينهم ثقافة السحل والنفي والاعتقال ومصادرة حق الشراكة السياسية ووأد حق التعبير والاختلاف!!

للأسف اليوم وبعد مضي ثمانية عشر عام على دعوة التصالح والتسامح مازال البعض من الجنوبيين اسيرا لثقافة الصراع ومازال خطابه يعج بمصطلحات التخوين وإن تغيرت مفرداتها ومازالت أطماع وامراض السلطة والتسلط والتفرد هي الراعي الرسمي لأي جلسات (زار) تسمى مجازا حوار ، ومازالت الرغبة جامحة لدى البعض في الانبطاح والعمالة للخارج على حساب السيادة واستقلالية القرار وللاستقواء لإزاحة الآخر الجنوبي المعارض !!

لايجوز ولايستقيم الحديث عن التصالح والتسامح الجنوبي ولا على الجنوب المنشود الصحي والمتعافي والقابل للحياة بسلام ودون إراقة الدماء ولا مقابر جماعية وأبناء الجنوب مازالوا يكيدون لبعضهم البعض ومازالت هناك سجون سرية ومعتقلات قهرية وافكار تصفوية تدير خلافاتهم ومازالت هناك رغبة مرضية جامحة في امتلاك حكم الجنوب وتحويله إلى عزبة أو جزيرة منغلقة على نفسها بل أنه لايجوز كل ذلك وهم لم يتفقوا بعد على أصل دعوة التصالح والتسامح وأين ولدت ومن هم عرابيها ومازالوا يتجاذبونها كل إلى منطقته!!

كل الشواهد التي أمامنا اليوم وكل ما يمر به الجنوب من تعثرات وصراعات وخصومات داخلية لاينكرها إلا مكابر أو جاهل أو متعصب تؤكد أن مبدأ التصالح والتسامح يعاني عدم الفاعلية وأنه يحتاج إلى إنعاش بعد أن افرغته الصراعات الدامية المستحدثة بين أبناء الجنوب في السنوات القريبة الماضية من محتواه وكشفت حقيقة مضمونه واهدافه والتي مازالت تداعياتها مستمرة إلى اليوم في محافظات أبين وشبوة وحضرموت والمهرة تحت مسميات كاذبة ك الإرهاب والقاعدة وداعش والإخوان وغيرها!!

أن اي حديث عن تصالح وتسامح لايقوم على القبول بالحوار الجنوبي الجنوبي الندي الذي لا وصاية فيه ولا ممارسة للبابوية ولا يعترف بحق أبناء الجنوب في الشراكة في الوطن دون شروط إعلان الولاء والتبعية لطرف بعينه هو حديث فض مجالس وترحيل للازمات ولن ينتج عنه إلا صوّر مأساوية لن تختلف في بشاعتها عن صوّر واقع الجنوب اليوم ولا عن صورة 13 يناير86م وصوّر التناحر الجنوبي في عامي 2018م ، 2019م وسيبقى مجرد دعوة مع وقف التنفيذ!!

لقد جرب الجنوبيين حرب الاستقطابات وشراء الذمم والبحث عن المناطق الرخوة واستغلالها فيما بينهم خلال السنوات الماضية ووصلوا إلى نفس النتائج وهي استحداث خنادق متواجهة والاستظلال بخيام عناوينها سياسية ومحتواها مناطقي مقيت واعتقد أنه قد حان الوقت الذي يثبت فيه الجنوبيون براء العقلية الجنوبية من داء الصراع المناطقي على السلطة من خلال تجربة القبول ببعضهم والتسليم أنه لن يكون هناك جنوب لا صحي ولا مريض في ظل استمرار صراعاتهم واختلافاتهم !

* عبدالكريم سالم السعدي