كتابات وآراء


17 نوفمبر, 2021 10:26:00 م

كُتب بواسطة : غمدان أبو أصبع - ارشيف الكاتب



يعيش اليساري أزمة حقيقة بتقبله للواقع المعاش، فهو كثير ما يذهب بعيدا بنظرته للحياة ومحاولته تشويه كل خصومه بالسلطة طالما هو خارجها.

ومازلت أتذكر تنظير اليساري مطيع دماج في ساحة التغيير وهو يتحدث عن ما تمتلكه اليمن من ثروة سمكية تكفي لبناء اقتصاد قوي وفعال، وصب جام غضبه على فساد نظام الرئيس صالح.

وإلى جانب حديثه عن الثروة النفطية، شكا وبكأ وتحدث بحرقة والدموع في محاجره، كيف مارس عليه نظام صالح اضطهاد بقطع راتبه وفصله بهدف تجويعه نتيجة رفضه اضطهاد زملائه بمؤسسة الكهرباء بمدينة حرض.

ظل اليساري مطيع دماج يتحدث عن مظلوميته معلناً رفضه استخدام الوظيفة كوسيلة ابتزاز وترهيب.. حينها انبهر به السذج وصفقوا له وآمنوا بأن اليمن تحتاج مثل هؤلاء المؤمنين بالعدالة والمساواة؛ المدركين لأهمية الثروة السمكية والنفطية؛ والمستعدين للتضحية بالغالي والنفيس من أجل الدفاع عن الموظف، وما تحتويه اليمن من كنوز كافية لتجعل منه ثريا.

سقط نظام صالح وصعد المنظر إلى السلطة، وفي أول لقاء جمعنا به وبرئيس الوزراء معين عبدالملك، كان معين أشبه بطفل ينتظر إرشادات مربيه، ليظهر مطيع دماج بأسلوب منتقم قائلا لزملاء وأنا معهم: لم نعد بحاجة إلى مساندتكم ولدينا وسائلنا الرسمية، متجاهلا أنه يمارس علينا الآن ما ظل يدعي أنه تعرض له من مظلومية ويطوف بها الخيام بساحة التغيير.

لكن الحقيقة أن مظلوميته جعلت منه أشد ظلماً عندما تولى السلطة، ولم نجد في ظل حكومة معين ودماج غير مزيد من الفشل، لينهار الاقتصاد بعهدهما إلى الحضيض، وتحولت حياة الإنسان إلى جحيم، وسكن الفقر كل بيت، ومارس دماج ومعين أشد أنواع الظلم بحق الموظف ونهبوا مستحقاته.

ويظل السؤال مطروحاً: لماذا كان دماج ينظر بساحة الجامعة ويتحدث عن نهب الثروات والعبث بها، واليوم هانت عليه البلاد وثرواتها وسيادتها واقتصادها حين وصل السلطة؟!

ولماذا حين أصبحت الثروات التي طالما أبكى البسطاء عليها وهو يتحفهم بتنظيراته الجوفاء، بين يديه راح يبددها هو ومعين عبدالملك وشلة الأنس ممن تولوا مقاليد السلطة! أم أنهم كما يقال ليس لهم من السلطة غير الاسم، بينما الحاكم الحقيقي هو السفير السعودي ومحمد بن زايد!

وهذا أيضاً يضع تساؤلات عديدة، فطالما وقد أوهمت الناس طوال حياتك الاشتراكية اليسارية بأن السعودية هي العدو الأول والأشد خطراً على اليمن، فكيف تقبلت أن تعمل تحت من كنت تراه يشكل خطراً على بلادك؟!

وهل يتذكر مطيع دماج شعوره وهو يتلقى خبر فصله من مؤسسة كهرباء حرض؟! ولماذا يمارس اليوم هو ومعين نفس أسلوب من ظل يدعي أن قيامه بمثل هكذا عمل يعد جريمة أخلاقية وإنسانية، أم أنها جريمة لا تنطبق على حكومة معين المعروف بالبلادة.