كتابات وآراء


18 سبتمبر, 2014 01:02:00 ص

كُتب بواسطة : عبدالكريم سالم السعدي - ارشيف الكاتب


في 7يوليو 1994م أتمت صنعاء إحدى أهم حلقات تآمرها على عدن خاصة والجنوب عامة , ففي هذا اليوم دخلت جحافل عصابات صنعاء من عسكر وقبائل ومليشيات مسلحة وتنظيمات إرهابية ودعم ومسانده عربيه من بعض الأقطار العربية للأسف التي حشدت طياريها  وما اكتنزته بنوكها ومصارفها في سبيل كسر الإرادة العربية الجنوبية لا لشيء إلا لأن هذا الشعب أبى العبودية التي أوقعته فيها  مصداقيته في تمسكه بعروبته ألصافيه ووطنيته وقوميته التي ظن في لحظه انه عندما يقدم أغلى ما يملكه وهو الوطن والحرية سيدفع بعجلتها إلى الأمام وسيضع اللبنة الأولى في مداميك بنيانها ولم يتوقع انه يخطو باتجاه الهاوية التي سترميه في درك جهنم الأسفل وانه سيجد نفسه محاربا حتى من القوميين العرب الذين عاشوا وتربوا وترعرعوا على الشعارات الثورية العربية التي تجاوزها أبناء الجنوب العربي وخطوا خطوتهم العملية باتجاه توحيد الأمة !!

 

مضت ما يقارب عشرون عاما على تشكل مأساة أبناء الجنوب , كما مضت ما يقارب اثنين وعشرين  عاما على رفض أبناء الجنوب للواقع الذي أرادت قبائل صنعاء فرضه عليهم بعد مرور عامين فقط من توقيع اتفاقيات الوحدة المغدورة , ومضت ما يقارب ثمان سنوات على إعلان الثورة الجنوبية السلمية الرافضة للاحتلال اليمني الذي أعلنته خطابات الحرب لقيادات صنعاء وجنرالاتها وشيوخها وعلماء دينها ورسخته وجعلت منه واقع الفتاوى الظالمة والطائرات الصواريخ والراجمات والدبابات وكل أنواع الأسلحة التي دكت أسوار عدن والجنوب على مدى ما يقارب ثلاثة أشهر انتهت بسقوط عدن في مؤامرة لم يشهد لها التاريخ مثيل !!

 

 

واليوم تدور دائرة الزمان ويأتي أمر الله ليضع صنعاء تحت رحمة غباء وتخلف وأطماع قبائلها وقياداتها وجنرالاتها ويشاء الله أن يتواجه حلفاء الأمس الذين عاثوا في الجنوب فسادا فاقتلعوا الزرع  ودمروا مظاهر الحياة واستباحوا أملاك الجنوبيين الخاصة والعامة وطمسوا معالم الجنوب التاريخية واقتحموا المتاحف ونهبوا محتواها في خطوة (ممنهجة) لإكمال ما بدءوه في ستينات القرن الماضي حين ما فرضوا اليمننة على الجنوب واقتادوه أسيرا في أولى حلقات المؤامرة بمباركة من أخذتهم الغفلة من أبناء الجنوب حينها وطغت على عقولهم شعارات القومية العربية , اليوم قوى (الفيد) تتصارع ويفضح كل منها الآخر علنا في صنعاء ويكشف كل طرف قبح وجه الطرف الآخر, ويعيد التاريخ نفسه ففي العام 1994م رفعت عصابات صنعاء شعار الحفاظ على (الوحدة اليمنية) كمبرر تنهب من خلاله الجنوب وتطمس هويته وتستعبد أبناءه وتلحقهم مرغمين بدولة مازالت تعيش بعقلية القرون الوسطى , اليوم احد أطراف المؤامرة تلك يرفع شعارات جعلت من لا يقرأ التاريخ يترنح من هول وطنيتها وإنسانيتها وتحت هذه الشعارات تقبع النوايا السيئة التي تبحث عن ما يطمس مرحلة من مراحل الحكم في الجمهورية العربية اليمنية وغيرها من الأهداف والأطماع المحلية والإقليمية والدولية , يرفع هذا الطرف شعار (الفضيحة) وتحمل خطاباته المتتالية حقائق لا تقل خطورة عن الحقائق التي أعلنها جنرال الطرف الآخر علي محسن الذي اقر علنا واعترف أن الجنوب تعرض للاحتلال في العام 1994م , اليوم عصابات صنعاء تتكاشف وتخرج أ وراقها من تحت الطاولة لتضعها على سطحها فالأمر الذي دبرته تلك العصابات بليل أضاءت خفاياه نيران خلافاتهم المستعرة واستطاع من لم يراهم يسرقون يراهم وهم يتخاصمون على محصول عملهم السيئ !!

 

تغافل الأشقاء كعادتهم عن مواجهة مأساة أبناء الجنوب والبحث عن حلول تخرجهم من محنتهم منذ البداية , بعد ذلك شغلهم الله بأنفسهم فقد دخلوا في ما كانوا يظنون أنهم في منأى منه , وحين أفاقوا جادت قرائحهم بالمبادرة الخليجية التي انطلقت من حقائق مشوهة تنطلق من التسليم بأن الجنوب فرع عاد إلى الأصل وبالتالي فمبادرتهم لم تمر على الجنوب إلا كمرورها على قضية صعده وعلى قضية زواج القاصرات وغيرها من القضايا التي تهم مجتمع المحتل اليمني , بعد ذلك جاء الاحتلال بوجه آخر هو (الأقاليم الستة) التي حاولوا بها القضاء على الثورة الجنوبية ومواصلة محاولات طمس الهوية الجنوبية , وبعد أن رفضتها قوى النفوذ القبلي والطائفي والمليشيات المسلحة في صنعاء كما لم يتعاط معها أبناء الجنوب , اليوم يعدون العدة لصناعة مؤامرة أخرى لن تبتعد كثيرا في أهدافها عن سابقاتها وهو الأمر الذي يتطلب صحوة جنوبية فالهدف واضح هو ( طمس الهوية الجنوبية) !!

 

اليوم صنعاء تدفع ثمن غدرها بالجنوب وشعبه وتكاد تشرب من نفس الكأس (كأس النهب والسلب وضياع الأمن والأمان وغياب ملامح المستقبل ) الذي عاشه ومازال يعيشه الجنوب حتى اللحظة , ورغم أن ما يحصل في صنعاء اليوم  من صراع يعد حكرا عليها إلا أنها تحاول إقحام الجنوب فيه مستغلة في ذلك وجود بعض النازحين من أبناء الجنوب في مفاصل كيانها المحتل نتيجة لصراعات قديمه عصفت بالجنوب , ومستغلة لذلك غياب الفعل الثوري الجنوبي الفاعل والمنظم وما زيارة شيخ القصر الجمهوري في دولة الاحتلال الكاهن( الحجوري) إلى عدن في هذا التوقيت إلا خطوة تصب في هذا الطريق ومحاولة لكسر حالة الانفصال الطبيعي التي ظهرت على الجنوب ومحافظاته من خلال عدم تفاعله مع الصراع وأحداثه في صنعاء ومحاولة لإظهار الجنوب كجزء متأثر وصانع لصراع صنعاء من خلال حشد الطاقات الجنوبية وتوجيهها لنصرة طرف على طرف آخر وهو الأمر الذي يجب أن يتنبه إليه أبناء الجنوب ويقاوموه ويمنعوا تنفيذ مخططه سلميا !!

 

                                                                      عبد الكريم سالم السعدي

                                                                                 عدن

                                                                         17سبتمبر2014م