كتابات وآراء


04 يوليو, 2025 07:16:00 م

كُتب بواسطة : د.جهاد وادي - ارشيف الكاتب


اليمن، هذا الوطن العريق الذي أنجب أعظم الحضارات، يمر اليوم بأصعب مراحله، ليس فقط بسبب الصراعات أو الأزمات الاقتصادية، بل لأن بعض أبنائه تخلّوا عن مسؤولياتهم، وفتحوا الأبواب لتدخلات الخارج، ورضوا بأن يُدار الوطن من خلف الحدود.

إن الحقيقة التي لا تقبل جدلاً، أن تحمّل المسؤولية الوطنية هو الركيزة الأولى لاستعادة اليمن وقراره المستقل، فلا يمكن لوطن أن ينهض وأبناؤه يستسهلون الاستقواء بالخارج، أو يختبئون خلف المشاريع الإقليمية والدولية التي لا ترى في اليمن إلا ساحة نفوذ وصراع مصالح.

لقد آن الأوان لأن يدرك الجميع، أن حلّ مشكلات اليمن يجب أن يكون يمنيًا خالصًا، وأن الحوار البنّاء بين أبناء الوطن هو السبيل الوحيد لإنهاء المعاناة، وبناء دولة عادلة، قوية، ومستقلة، فاليمن لا تنقصه العقول، ولا الإمكانيات، ولا التاريخ؛ ما ينقصه اليوم هو رجال دولة يتحمّلون المسؤولية بشجاعة، يضعون مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية والولاءات الضيقة، ويرفضون الوصاية أيًّا كان شكلها أو مصدرها.

إن استمرار التدخلات الخارجية، لم يجلب لهذا البلد سوى مزيد من التشرذم والدمار، وسلب القرار الوطني من أصحابه الحقيقيين، ولا يمكن أن تُبنى دولة مستقلة وذات سيادة، ما دامت بعض الأطراف تُسلّم قرارها للخارج، وتسمح بتدخل الآخرين في تفاصيل الشأن الداخلي.

المطلوب اليوم من النخب السياسية، والقيادات المجتمعية، والشباب، وكل مواطن يمني شريف، أن ينهض بمسؤوليته تجاه وطنه، بأن يقول "لا" لكل من يحاول اختطاف اليمن، أو تحويله إلى ورقة ضغط في صراعات لا ناقة لنا فيها ولا جمل.

الوطن لا يُحمى بالشعارات، ولا يُحرّر بالخطابات، بل يُستعاد عندما يقرّر اليمنيون أن يكونوا هم أصحاب القرار، وهم بناة المستقبل، وهم المدافعون عن السيادة، بدون وساطة ولا وصاية ولا تدخل، وليكن واضحًا بأن اليمن لا يحتاج إلى من يتحدث باسمه من الخارج، بل يحتاج إلى من يقف على أرضه، يعمل لأجله، ويقاتل من أجل وحدته واستقراره بصدق وإخلاص.