ملفـات وتقـاريـر

04 يونيو, 2025 10:30:19 م

عدن (صوت الشعب) تقرير خاص:

قبل ثلاث سنوات، وتحديدًا في أبريل 2022، عُلّقت آمال اليمنيين على مجلس القيادة الرئاسي الذي جاء كنتاج لتوافق سياسي إقليمي ودولي، قيل حينها إنه سيُعيد ترتيب البيت اليمني، ويقود مرحلة انتقالية تنقذ البلاد من سنوات طويلة من الحرب والانقسام والانهيار. بدا تشكيل المجلس حينها وكأنه فرصة جديدة لفتح أبواب الاستقرار، وبداية لمعالجة الملفات الشائكة التي عصفت بحياة ملايين اليمنيين.

لكن اليوم، وبعد مرور ثلاثة أعوام على تلك اللحظة، تقف البلاد على حافة كارثة اقتصادية وإنسانية غير مسبوقة، في ظل قيادة توصف بالعجز، وإدارة تفتقر إلى الرؤية والفاعلية، ومؤسسات غارقة في الفساد والتضارب. المواطن اليمني، الذي كان يتطلع إلى تحسين معيشته، يجد نفسه أمام واقع أكثر قسوة مما كان عليه، حيث الجوع، والفقر، وانعدام الأمل، أصبحوا القاسم المشترك في معظم المدن والمناطق.

الأزمات تتراكم وتتعمق، والوعود تتبخر مع كل يوم يمضي. لم يكن الانهيار الحاصل مجرد نتيجة لتحديات خارجة عن الإرادة، بل انعكاس مباشر لفشل سياسي وإداري هيكلي، عجز عن إدارة الموارد، وتحقيق الحد الأدنى من مقومات الحياة، في وقت تتسع فيه الهوة بين الشعب والقيادة.

في هذا التقرير، نسلّط الضوء على أبرز ملامح الأزمة اليمنية الراهنة، من التدهور الاقتصادي، إلى الانقسام المصرفي، مرورًا بانهيار الخدمات، وصولًا إلى المعاناة المعيشية المتفاقمة، لنرسم صورة دقيقة لوضع وطن يتآكل بصمت، تحت أنظار قيادته.


الاقتصاد ينهار: الريال في القاع والدولة في العجز

أسعار صرف تتجاوز 2500 ريال للدولار وانعدام في الموارد

شهد الاقتصاد اليمني انهيارًا مدويًا، حيث تجاوز سعر صرف الدولار حاجز 2500 ريال، مدفوعًا بتوقف صادرات النفط التي تمثل المصدر الرئيسي للدخل القومي، إلى جانب توقف شبه كامل في الدعم الخارجي، وغياب أي سياسة مالية أو نقدية قادرة على إدارة الأزمة.

هذا التدهور أدى إلى عجز مهول في الموازنة العامة، وتعثر صرف الرواتب للموظفين، وانهيار شبه كلي في الخدمات العامة، خصوصًا الكهرباء والصحة والمياه. تعيش المؤسسات الاقتصادية حالة من التخبط، حيث تفتقر الحكومة لرؤية واضحة، وسط قرارات مرتجلة، وفساد ينهش جسد الدولة.


مجلس القيادة الرئاسي: ثلاث سنوات من الجمود والارتباك

غياب القرار وتضارب المصالح يقودان المشهد نحو الانهيار

رغم مرور ثلاث سنوات على تشكيله، فشل مجلس القيادة الرئاسي في تحقيق أي إنجاز ملموس، حيث يسيطر على المشهد الصراع الداخلي بين مكوناته، وغياب أي استراتيجية إصلاحية موحدة.

القرارات المصيرية تُتخذ دون دراسة أو رقابة، ما فاقم حالة انعدام الثقة الشعبية، ورسخ الشعور بالعجز لدى المواطن، في ظل قيادة تبدو عاجزة عن لملمة الوضع أو احتوائه.


الكهرباء والوقود: فوضى الإنفاق وغياب البدائل

مليارات تذهب أدراج الرياح.. والانقطاعات مستمرة

أنفقت الحكومة مئات الملايين من الدولارات على استيراد الوقود لمحطات الكهرباء، ومع ذلك لا تزال معظم المناطق، بما فيها عدن، تعاني من انقطاعات يومية تصل إلى أكثر من 18 ساعة.

ويُعد ملف الطاقة أحد أبرز الأمثلة على الفساد المؤسسي، حيث لا توجد خطط مستدامة لتطوير القطاع أو التحول نحو الطاقة البديلة. ما يحدث هو استنزاف ممنهج للموارد دون نتائج، وسط صمت رسمي يثير الكثير من التساؤلات.


القطاع المصرفي في حالة انقسام: المال مقيد والاقتصاد مختنق

بنك عدن وبنك صنعاء.. صراع يقتل ما تبقى من النشاط الاقتصادي

تعمّق الانقسام المالي والمصرفي بين الحكومة الشرعية وسلطات الحوثيين في صنعاء أدى إلى تفكك النظام المصرفي في البلاد. الإجراءات الأحادية من كلا الطرفين شلت حركة الأموال بين المناطق، وأثرت سلبًا على قطاع الأعمال والتحويلات الداخلية والخارجية، مما أدى إلى شلل في الاقتصاد الوطني.


أوضاع معيشية مأساوية: الفقر يبتلع اليمنيين..

17 مليون إنسان تحت خط الفقر.. وتضخم بلا سقف:

تفيد التقارير الأممية بأن أكثر من 17 مليون يمني يعيشون تحت خط الفقر، في ظل تضخم متسارع، وانهيار للقوة الشرائية، وتراجع حاد في فرص العمل، وارتفاع موجات النزوح.

باتت الرواتب – إن توفرت – غير كافية حتى لتأمين الغذاء أو الدواء، في وقت تنهار فيه منظومات الصحة والتعليم، ويتآكل فيه الأمن الغذائي، وتفقد الأسر القدرة على الاستمرار في مواجهة أعباء الحياة.


الختام: وطن على حافة الانفجار:

بين قيادة عاجزة وشعب منهك.. أين يذهب اليمن؟

في ظل هذا المشهد القاتم، ومع مرور ثلاث سنوات على تأسيس مجلس القيادة الرئاسي، يترسخ لدى اليمنيين شعور بالإحباط واليأس. لا مؤشرات على أي اختراق سياسي أو إنقاذ اقتصادي، ولا أفق واضح لمستقبل البلاد.

يعيش اليمن اليوم واحدة من أخطر مراحله التاريخية، حيث تتآكل مقومات الدولة، ويتراجع الأمل في الخروج من النفق، بينما يتزايد عدد الضحايا يومًا بعد آخر في صمت، وسط قيادة يبدو أنها فقدت القدرة على الفعل، والمجتمع الدولي يكتفي بالمراقبة.




رأيكم يهــمنا

تهمّنا آراؤكم لذا نتمنى على القرّاء التقيّد بقواعد التعليقات التالية :
أن يكون للتعليق صلة مباشرة بمضمون المقال.
أن يقدّم فكرة جديدة أو رأياً جدّياً ويفتح باباً للنقاش البنّاء.
أن لا يتضمن قدحاً أو ذمّاً أو تشهيراً أو تجريحاً أو شتائم.
أن لا يحتوي على أية إشارات عنصرية أو طائفية أو مذهبية.
لا يسمح بتضمين التعليق أية دعاية تجارية.